.. سـَــــرَابْ .. و أحـياناً أغـدو تَـنْهيــــدَة

السبت، أبريل ٣٠، ٢٠٠٥

خلا البيتْ

.
.
خَلا البيْتُ، لا خفقةٌ من نعالْ
و لا كركراتٌ على السُّلمِ، و أنّتْ على البابِ
ريحُ الشمال
و ماتت على كرمه المظلم
تلاشت خُطى موكبِ الدافنينْ
و من مسجد القريةِ المُعتمْ
تلوّى، كما رفّ فوق السفين
شراعٌ حزين، أذانٌ (هو الله باقٍ، و زال
عن الأرض إلاه) : الله أكبر
و في قبره اهتز، كالبرعم إذا الصبح نوّر
دفينٌ و أصغى أنينُ الرمال
و تهويدةُ النخلِ ينعس و الليلُ أقمر
و في بيتهِ الآن خلّ العويلْ
و نوحَ اليتامى وندبَ النساءْ
لقد فتَّحَ الآن زهرُ الشتاء
ليملأ تنوره بالشذى و الضياء
أنار وجوهاً و أخفى وجوهاً، فسال الأصيل
ينثُّ سنابله الدافئه
و سمراء تُصغي إلى الشاي فوق الصّلاء
يوسوس عن خيمةٍ في العراء
و عن عيشةٍ هانئة
********
خلا البيتُ و انسلّ لونُ المغيب
إلى المخدع المقفر
هنا كان يطوي خيوط الدروب
صغيران تطفئُ شمس الغروب
بشعرهما نار فانوسهما الأحمر
إذا ما ارتخت تحتَ ظلّ الهجير
جفونٌ يرنّقُ فيها النعاس
أفاءا إلى قصةٍ عن أمير
تَخطّفه الجنُ حتى أتى منزلاً من نُحاس
تلامح شبّاكه عن أميره
تدلي إليه الضفيره
ليرقى إليها
خلا البيتُ إلا أنينْ يابقا
يصّعدها شاطئٌ من حنين
.
.
بدر شاكر السيّاب
البصره 26/7/1964

1 Comments:

إرسال تعليق

<< Home